عبود ملك الناى
عدد المساهمات : 4 تاريخ التسجيل : 03/06/2009
| موضوع: حديث عن الموسيقى 1 الخميس يونيو 04, 2009 9:46 am | |
| (حديث عن الموسيقى(1 مقدمة
ان الحديث عمن نحب، شيق وممتع. فكيف الحال اذا كان هذا الحديث عن حبيبة تعيش في اعماقنا.. يسري حبها في عروقنا ..تريحنا اذا استدعيناها ساعة تعبنا.. تساعدنا على النوم الهادئ ان حاورتنا ساعة ارقنا..ترقصنا و تنعشنا ان كلمتنا ساعة فرحنا.. تحب كل البشر..لا تبخل على احد بشئ. ولأني لست مع الشاعر الذي قال: كتمت صبابتي يامن تلمني بليت، ولكن لا اقول بمن، لأني إذا ما قلت من هو يعشقوه بل اقول بأن حبيبتي اسمها[ الموسيقى] . أبدأ حديثي عنها لكي يتعرف عليها كل الناس فيعشقوها كما عشقتها، ويستمتعوا بحديثها كما استمتع دائما. لما كانت الموسيقى بكافة اشكالها ومضامينها ومنها الغناء بالطبع، حاجة يومية لكل فرد كغذاء روحي، بالإضافة الى وضائفها الأخرى، حري بنا ان نهيئ انفسنا للإستماع لها ونسلك افضل السبل للإستفادة منها والإستمتاع بها بوعي، لكي نتمكن من التمييز بين ما هو جيد ومفيد، وما هو ردئ ودون فائدة ان لم يكن مضراً . من هذا المنطلق سيكون حديثنا عن عالم الموسيقى .. عالم الجمال .. عالم الإنسانية. نستكشف خفاياه بما يساعدنا على زيادة متعتنا بالإستمتاع للموسيقى. اصدقائي.. إن لم يكن بمقدوركم ان تتعلموا العزف على آلة موسيقية، فبإمكانكم بالتأكيد، أن تكونوا مستمعين جيدين للموسيقى وبشكل واع . لأن ما اعتاد عليه المستمع العربي هو الإستماع للموسيقى بالشكل الذي يساعد على تخديره. أي أسلوب المصطلح المتعمد إشاعته [الطرب]. ولذا نرى أن الإستماع للموسيقى والغناء مترابط في أغلب الأحيان مع جلسات شرب الخمر. إذاً، ماذا نعمل لكي ينمو إدراكنا للموسيقى بما يزيد من إستمتاعنا بها حين الإستماع لها؟ مصاحبة للغناء كانت أم موسيقى بحتة. كل شئ جديد يصعب إستيعابه وتذوقه في البداية، خاصة اذا كان غامضًا لنا. ولكن بعد فترة، نجد أنفسنا قد تعودنا عليه واصبحنا نستمتع به. هذه تجارب مرت علينا جميعًا، احسسنا بها أم أغفلناها. والإستماع للموسيقى بدون غناء حالة لم يتعودها المستمع العربي كثيرًا . فهو ميال للغناء أكثر منه للموسيقى. لذا نجد صعوبة بالإستمتاع بها. ومن أجل أن نستفيد من الإستماع للموسيقى، من الضروري أولآ الإطلاع على ماهيتها وأساليبها وأنواع الآلات الموسيقية المؤدية لها . وثانياً الإستماع المستمر لها من خلال الوسائل المتنوعة المتوفرة. وقبل أن ندخل في تفاصيل الموسيقى البحتة، نعرج على ألوان الغناء العربي الذي نسمعه يومياً من وسائل الإعلام المسموعة أوالمرئية. لأن الغناء هو الأكثر شيوعًا في هذه الأجهزة. هناك مسألة أود التطرق إليها. يتساءل أكثر الناس عن كيفية تأليف الموسيقى أو تلحين الأغاني. وأكثر ما يتساءلون عنه هو مسألة [الوحي]، وهل هو حقيقة أم لا؟ أي ، هل هنالك شرط نزول الوحي على الملحن لكي يلحن أغنية أو يؤلف موسيقى؟ . أما الملحنون فيعرفون الحقيقة وهي أنه لا يوجد شئ إسمه [الوحي] رغم تبجح بعض الملحنين بهذه الكلمة للإستهلاك الإعلامي. إذ أننا ، وخاصة المحترفون منا، بإمكاننا أن نجلس يوميًا ونلحن،ولكن مستوى الإنتاج بالتأكيد يختلف من يوم لآخر تبعاً للظرف الداخلي[النفسي] والخارجي [المحيط] الذي يعيشه الملحن. إذ ليس معقولا ان يجلس الملحن مكتوف الأيدي بدون إنتاج بإنتظار أن يأتيه [الوحي]. فقبل أن يحاول أحدنا البدء بالتلحين ، يسأل نفسه، هل لديه إستعداد للتلحين؟ أي هل هنالك مشكلة أو مسألة ما في عقلي تشغلني عن التلحين أم لا؟ مع العلم أن كثيرًا من المشاكل الشخصية والإجتماعية تكون عاملا مساعدًا في التلحين. وهذه تجربتي الشخصية. من هنا تأتي اهمية وعي وثقافة الفنان واندماجه مع محيطه.. مع ناسه.. مع ما يجري حوله. فتلك أمور تساعده على ابداع الجديد والجميل من الأعمال الموسيقية التي تؤثر في الناس لأنها متأثرة بهم. والى لقاء جديد لإستكمال الحديث. __________________ (حديث عن الموسيقى(2مستويات الاستماع
ليس كل الناس على مستوى واحد من الإدراك للموسيقى. وهذا يعني بالنتيجة اختلافهم بمستوى الاستمتاع بها. ولكي يقترب الجميع للمستوى الاعلى من الاستمتاع، من الضروري التوسع في فهم ماهية الموسيقى وتفصيلاتها. هناك ثلاث مستويات للاستماع لدى الناس: 1ـ المستوى الحسي 2ـ المستوى التعبيري 3ـ المستوى الموسيقي الصرف 1ـ المستوى الحسي وهو الاستماع للموسيقى دون تفكير بها ، أي لمجرد التمتع بالاصوات ذاتها. وعادة ، يصاحب هذا النوع من الاستمتاع قيام الشخص بتأدية عمل من الأعمال كالقراءة أو غيرها . وفي هذه الحالة يستسلم بعض الناس حين سماعه للموسيقى الى عالم مثالي ينسوا فيه أنفسهم. وهم يتعمدون ذلك ليهربوا من متاعبهم اليومية ، وهو أدنى المستويات و أقلها استمتاعاً بالموسيقى وإستفادة منها . إذ أن للمستوى الحسي أهمية في الاستماع ولكن ليس كل شئ فيه . ونجد هذا المستوى من الاستماع لدى بعض الناس إذا كانت الموسيقى مصاحبة للشعر [ الغناء] . وهو المستوى الأكثر شيوعاً لدى المستمع العربي والاكثر تشجيعاً من بعض الأوساط الإعلامية المرئية منها خصوصاً .
2ـ المستوى التعبيري : أي التفكير فيما تعبر عنه الموسيقى خلال الاستماع لها . إن هذا الأمر كان وما يزال مثاراً للنقاشات وللآراء المختلفة . فمنهم من يؤكد على إمكانية الموسيقى على التعبير الواضح ، ومنهم من يجدها مطلقة التعبير . والحقيقة ، أن هنالك سؤالان : الأول ، هل هناك معنى للموسيقى ؟ والجواب طبعاً هو [نعم] . والثاني ، هل يمكننا تحديد هذا المعنى ببضع كلمات دون أن يخبرنا بها أحد مسبقاً ؟ . والجواب لذلك هو [ لا ] . والرأي الأرجح هو أن للموسيقى معنىً عاماً تحدثه لدى المستمع ، ولكن لا يمكن أن يترجم إلى كلمات محددة . ومن الخطأ أيضاً البحث عن معنىً مادياً محدداً للموسيقى . إذ يكفي أن يرسم الإنسان في ذهنه الإطار الشعوري العام الذي يحسه. وما زلنا نتكلم عن التعبير الموسيقي ، أود أن أسجل الملاحظة التالية ، وهي أن كثيراً من ملحني الأغاني العرب ، لا يهتمون بهذه الناحية ، وأقصد بها الناحية التعبيرية للموسيقى . فنجد نماذج غنائية كثيرة جداً يبتعد فيها التعبير الموسيقي عن معاني كلمات الأغنية ، وهو خطأ كبير .
3ـ المستوى الصرف وهو إدراك كيان الموسيقى الناشئ عن نغماتها الموسيقية نفسها ، واسلوب معالجة هذه النغمات . ومعظم المستمعين لا يشعرون بهذا المستوى شعوراً كافياً . فعندما يستمع شخص إلى لحن ما ، فأنه يتذكره حسب إمكانياته ، بعد أن يحكم عليه إذا كان جميلاً أم لا . ويأتي الإيقاع في المرتبة التالية من إنتباه المستمع . أما الهارمونية [ تعدد الأصوات ] والطابع الصوتي ، فهو يسلم بها تسليماً ، وقد لا يستطيع إدراكهما تماماً . أما الأمر الذي لا يخطر ببال المستمع فهو النموذج البنائي للموسيقى . ولكي نزيد من استمتاعنا بالموسيقى ، من الضروري إدراك المواد الموسيقية وما يحدث لها . فنستمع الى الميلودية [اللحن ] والإيقاع والهارمونية وألوان الأنغام . وفوق هذا ، إن أمكن ، أن نعرف شيئاً عن قواعد بناء النماذج الموسيقية . ورغم تفصيلنا الاستماع لثلاث مستويات ،إلا أن ما نحتاجه في الواقع هو الاستماع بالمستويات الثلاث في وقت واحد . وهو ما يحدث عندنا بالغريزة دون مجهود عقلي نبذله ، وعلينا فقط أن نزيد من معلوماتنا عن الموسيقى لكي يكون استمتاعنا كاملاً . ويمكن مقارنة ذلك عند مشاهدتنا للمسرح . ففيه نرى في آن واحد الممثلين والملابس والمناظر والحركات والاصوات . وهو ما يولد عندنا المستوى الحسي للمسرحية . أما المستوى التعبيري فيتولد من ما يحدث على المسرح بما يثير فينا شعوراً بالمرح أو الهياج أو الحزن من خلال كلام الممثلين [ الحوار ] . أما ما يقابل المستوى الموسيقي الصرف فهو الدراما المسرحية وتنميتها وأسلوب المؤلف في إبتكار الشخصيات ومعالجة المواضيع . إن المشاهد للمسرحية يدرك كل هذه الأشياء في آن واحدة كما المستمع للموسيقى ،لكن الإلمام بما يحيط العمل الفني من الداخل والخارج هو الطريق الأمثل لاستمتاعنا الأفضل . _____________ [/size]
| |
|