حديث عن الموسيقى-4
أنواع التأليف الغنائي العربي
ذكرت في حلقة سابقة أن معرفة المستمع بخصائص ما يسمعه مسألة ضرورية تساعد كثيراً على الاستمتاع بالموسيقى والاستفادة منها . واليوم نبدأ بشرح أنواع التأليف الغنائي العربي . للغناء العربي أنواع مختلفة لها قواعد وأصول منها ما هو مشترك وشمولي وآخر يختص به هذا البلد العربي أو ذلك .
القوالب الشمولية
1- الأهزوجة والأغنية الشعبية
2- الأغنية الحرة
3- النشيد
4- الموال
5- القصيدة الغنائية
6- الموشح
7- المغناة ( الأوبرا )
8- الغناء الديني ( طرق الذكر – طرق المولد- التراتيل الكنسية- أغاني الحجاج- رثاء النادبات- تشييع الجنازة- الأذان- قراءة القرآن).
أما أهم القوالب ذات الخصوصية المحلية فهي :
1- الدور في مصر
2- القدود في سوريا
3- المقام في العراق
4- المألوف في المغرب العربي
5- أغاني الزار في السودان
6- الصوت والغناء البحري في اليمن والخليج العربي
وسنأتي على شرح هذه الأنواع سالفة الذكر.
1- الأهزوجة والأغنية الشعبية
وهي نوع من التأليف الغنائي العربي القديم ’ يسمونه في مصر ( طقطوقة ) لخفة اللحن وسهولة حفظه ، وهي أغنية شعبية دارجة تلحن في سلم موسيقي واحد ، وغالباً ما يقتصر لحنها على جنس موسيقي فقط ، أي لا يتعدى لحنها حدود الأربع أو الخمس درجات صوتية. والأغاني الشعبية نوعان ، منها ما لا يعرف مؤلفها وملحنها ، أي أنها إنتاج عفوي ، وهي تدخل تحت سقف الفولكلور (Folklore ) وتكون أكثر بساطة في اللحن . ومنها ما هو أوسع لحناً نسبياً وهي الأغاني الشائعة ( Popular Songs ) ويكون مؤلفها أو نلحنها معروفاً في أغلب الأحيان . كما أن لحنها يحوي في بعض الأحيان أكثر من جنس موسيقي أي يلحن الجزء الأول منها ( المذهب ) في سلم وتلحن الأجزاء الأخرى ( الأدوار ) في سلالم أخرى . وقد تكون في أجناس مختلفة .إن إيقاع الأهازيج والأغاني الشعبية بسيطة ، أما نصوصها فتكون باللهجة الدارجة . وتختلف الأهزوجة عن الأغنية الشعبية في مواضيعها التي تحث على العمل والتغني بالأوطان أو تمجيد الأبطال والشهداء وغيرها من المواضيع السياسية والاجتماعية الأخلاقية . أما مواضيع الأغاني الشعبية فتكون غالباً عن الحب والعلاقات الانسانية والتقاليد الاجتماعية .
2- الأغنية الحرة ( المونولوج )
قالب لأغنية يغنيها فرد واحد دون مشاركة المجموعة ، وقد توسع العرب في معانيه وفي بنائه الموسيقي دون الالتزام بأي حدود ، فتداخل هذا القالب مع بقية القوالب الغنائية كالأغاني الشعبية والموشحات وغيرها. وأصبح معنى تسمية الأغنية الحرة مطابق تماماً لواقع هذا القالب إلا التزامه فقط بالغناء الانفرادي .
3- النشيد
قالب غنائي نظمه شعر فصيح ولحنه مماثل لطابع المارش . ينشد فردياً وجماعياً ويلحن على موازين بسيطة ، قليل الفواصل الموسيقية ، غالباً ما يلحن في سلم العجم ( ماجور ) خاصة إذا كان النص حماسياً ، وقد يلحن بسلالم أخرى .
4- الموال
هو لون من ألوان الغناء المرتجل ، غير موزون ، يعتمد على براعة وإمكانية المغني في الانتقال بالألحان من جنس موسيقي إلى آخر ، ويبدأ عادة بكلمات ( يا ليلي يا عيني ) أو ( أوف يابه ) أو بالآهات . وتتفرع من هذا اللون أنواع مختلفة تختص بها منطقة عربية دون اخرى مثل العتابا والميجنا وأبو الزلف وغيرها في بلاد الشام والنايل والسويحلي والمحمداوي وغيرها في العراق والليالي في مصر وما الى ذالك .
5- القصيدة الغنائية
أرقى انواع الغناء العربي بعد الموشحة ، مضمونها شعر فصيح من أحد بحور الشعر المعروفة،
أما الحانها فتتميز بالدقة والتفنن بالانتقال من جنس موسيقي لآخر، وقد تطورت صياغتها الفنية فأصبحت لها مقدمة وفواصل موسيقية طويلة، تبنى ألحانها من الوحدة الطويلة أو المصمودي الكبير أو الصغير ، وقد تتضمن القصيدة الغنائية الواحدة عدة موازين .
6- الموشح
الموشح كنص ، فن قائم بذاته مستخرج من الشعر . وقد يشبه أوزان الشعر غير أنه لا يتقيد بها من حيث وحدة القافية . يغلب فيه اللغة الفصحى والقليل منه منظوم باللغة العامية . ولسنا بصدد استعراض فن الموشح كنص، لكننا سنشرح قالبه الغنائي بالتفصيل .
ينقسم الموشح الى ثلاثة أقسام من ناحية ترتيب تلحينه يسمى القسم الأول بدنية أولى أو الدور الأول يتبعه الدور الثاني والثالث أحيانا مبنيا على نفس اللحن والميزان . أما القسم الثاني فيسمى الخانة أو السلسلة . ويغلب تلحينه من الأصوات الحادة لسلم الموشح الموسيقي . أما القسم الثالث فيسمى القفلة أو الغطاء ويبنى على ميزان ولحن البدنيات ( الأدوار ) .
تتميز ألحان الموشحات بالتفاصيل الدقيقة للزخارف اللحنية ، والتطابق المتقن بين نقاط القوة والضعف في الميزان أو ما يطلق عليه ( الدم والتك ) مع النص الشعري . ولضبط هذا التطابق يعمد الملحن أحيانا إلى استخدام مفردات لغوية مثل يا ليلي – يا عيني – يا للي – آه . . . . الخ .
7- المغناة ( الأوبرا )
وهو أصعب أنواع التأليف الغنائي ، لحاجته إلى التعبير الموسيقي الدقيق لمضمون الكلام أو الموسيقى المعبرة عن المشهد التمثيلي بانفعالاته المختلفة . وقد أخذ العرب هذا النوع من التأليف الغنائي من أوربا لكنهم استخدموا قالب الأوبريت ( المسرحية الغنائية ) الذي يشتمل على مقاطع تمثيلية بدون غناء أو استخدام الأداء التوقيعي ، خلافا للأوبرا التي تكون كلها مغناة .
تمتد جذور الأوبرا إلى الدراما اليونانية القديمة ، ومولدها في نهاية القرن السادس عشر في فلورنسا بايطاليا . عرضت أول أوبرا عام 1597 م وأول تجربة للأوبرا في المنطقة العربية قدمت في القاهرة عام 1871 م وهي أوبرا عايده من تأليف الموسيقار الأيطالي ( فيردي ) . ثم توالت التجارب في أوربا ، فتطور الاتجاه في فرنسا من الدراما الموسيقية الألمانية المكثفة إلي الدراما الشاعرية الغنائية المرتبطة بالأوبرا الهزلية . وقدمت المدرسة الروسية النموذج الأصلي للملحمة الدرامية الموسيقية المبنية على أحداث تاريخ البلاد .
أما عن تجارب المسرح الغنائي العربي ، فمن غير الممكن تحديد بدايته بالتجارب الأولية التي أدخلت فيها بعض الأغنيات الخفيفة ضمن المسرحيات ( الكوميدية خاصة ) لتوسيع رقعة جمهور المسرح ، كما فعل أبو خليل القباني وغيره ، بل يمكننا القول أن أولى التجارب القريبة عموما لشكل المسرحية الغنائية ( الأوبريت ) كانت في مصر على يد الموسيقار خالد الذكر ( سيد درويش ) . فقد قدم مجموعة من الأوبريتات امتلكت الى حد كبير مواصفات المسرح الغنائي . وفي لبنان كانت مسرحيات الرحابنة الغنائية أكثر تطوراً وتنوعاً ونضوجاً . وقدمت نماذج متفرقة من المسرحيات الغنائية في العراق مثل( أوبريت بيادر خير ) عام 1969 وفي سوريا واليمن والمغرب العربي .