أفلامه لست ملاكا فى عام 1947 ، وبدأت السينما تتجه أكثر نحو الدراما مع غياب نجوم الغناء إلى أن ظهر جيل جديد من المغنيين كليلى مراد وعبد الحليم حافظ وغيرهما
احتفظت أم كلثوم مع هذا بتقليدها الذى بدأته عام 1934 تقديم حفلة عامة كل شهر ولم تتوقف عن هذا التقليد إلا بسبب المرض عام 1973
أفاد استمرار حفلات أم كلثوم ملحنين كبار كالقصبجى وزكريا والسنباطى الذين اعتمدوا على أم كلثوم فى توصيل ألحانهم للجمهور ، ومن بعدهم كل من لحنوا لها بما فيهم عبد الوهاب نفسه ، والحقيقة أن جمهور أم كلثوم لم ينقطع عنها أبدا من جميع البلاد العربية ، ومن المؤكد أن فن أم كلثوم هو فن من لحنوا لها بالدرجة الأولى
غير أن الظاهرة الفردية طغت على جميع أعمال من جاء بعد سيد درويش باستثناء الشيخ زكريا الذى قام بتلحين أكثر من 60 أوبريت ، وعاد الغناء والطرب الهدف فى المقام الأول وإن ظلت مدرسة سيد درويش التعبيرية تظل الجميع
قامت الإذاعة المصرية بإنتاج عدد من الأوبريتات الإذاعية لملء الفراغ اشتهرمنها عدة أوبريتات لكن تلحينها وأداءها أسند إلى الصف الثانى من الفنانين كما قامت بإنتاج الأغانى الفردية ، وقد أثمر هذا الاتجاه عن زيادة نشاط من كان ليس له نصيب فى السينما ومن هؤلاء من الملحنين أحمد صدقى وأحمد عبد القادر وعبد العظيم عبد الحق ومحمد عفيفى
ومن المطربين ابراهيم حمودة واسماعيل شبانة وكارم محمود وحورية حسن ، وقامت الإذاعة أيضا بإعادة تقديم أوبريتات سيد درويش مثل العشرة الطيبة بقيادة محمد حسن الشجاعى ونجحت فى إعادتها للواجهة فى أواخر الخمسينات
وهنا يجدر تذكر أن موسيقى سيد درويش قد تم مواراتها عن عمد لفترة تعدت الثلاثين عاما ، وكان القصر الملكى وبعض الموسيقيين من قدامى الأكاديميين وراء ذلك ، فلم تسترد أنفاسها إلا بعد زوال سلطانهم عام 1952 وعودة الفنون القومية والشعبية للازدهار
وقد أدى انحسار المسرح الغنائى والحفلات العامة والاعتماد على الفنون المعلبة إن جاز التعبير إلى ظاهرتين جديدتين :
زوال تأثير الجمهور المباشر على المادة المقدمة ، فلم يعد الجمهور يستطيع إعلان حكمه الفورى على أى شيئ يقدم
حرية أكثر للموسيقيين فى إملاء ما يرونه دون خوف من مقاطعة الجمهور فشجع ذلك الكثيرين على إجراء تجارب موسيقية جديدة ، وبعيدا عن السينما فقد كانت المخاطرة مأمونة العواقب نسبيا لعدم ارتفاع تكلفة الإنتاج
فى أواسط القرن العشرين شهدت الموسيقى ازدهارا كبيرا فى مصر بالذات وأنشئ معهدا للموسيقى الأكاديمية الغربية هو الكونسرفاتوار الفرنسى ساهم فى تدعيم الحركة الموسيقية بالعازفين المهرة وقائدى الأوركسترا وصاحب انتشار التعليم العام نشاط تعليم الموسيقى فى المدارس مما أدى إلى ارتفاع حدود التذوق الموسيقى لدى فئات كبيرة من الشعب
كما شهدت تلك الفترة عودة قوية للأغانى الوطنية وعودة أيضا لإحياء التراث الموسيقى فأنشأ عبد الحليم نويرة فرقة الموسيقى العربية فى القاهرة وأنشأ محمد عفيفى فريق كورال سيد درويش فى الإسكندرية
فى أواخر القرن العشرين لم تعد الموسيقى كما كانت فى أوله أو أواسطه ، وإنما تم التخفف تدريجيا من قيود الجدية والأكاديمية بسبب تغير أشياء كثيرة على صعيد السياسة والاقتصاد تغير معها المزاج العام فى المنطقة العربية
فقد حل الشعور بالهزيمة بعد نكسة عام 1967 محل المد القومى وتسببت الحروب فى إضعاف اقتصاد مصر ، وساعد ظهور الثروة البترولية فى الخليج على انتقال مراكز التمويل إلى بلاد الجزيرة العربية ، وقد صاحب حركة الهبوط الفنى فى مصر حركة صعود الفن البدوى القادم من الخليج ، كما قل نشاط الرحبانية فى لبنان
وقد شهد القرن العشرين أنماطا من الفن الهابط فى فترات مختلفة خاصة إبان الحرب العالمية الثانية لكنها ظلت سجينة علب الليل ولم تجد طريقها مطلقا إلى القنوات العامة كالراديو والتليفزيون ، غير أن موجة الهبوط الأخيرة استطاعت فرض نفسها على تلك القنوات مما أدى إلى هبوط الذوق العام ، وزاد الطين بلة غياب الكبار عن الساحة
ولا يفهم لماذا ازدهرت الحركة الفنية فى مصر إبان الاحتلال البريطانى وهى تواجه حكاما طغاة واحتلالا أجنبيا بينما فقرت فى ظل الاستقلال والحكام الوطنيين فى نهايات القرن