نبغ الأطباء العرب والمسلمين فى استنباط طرائق وأساليب عديدة في العلاج ،
من ذلك استخدامهم (الموسيقى والغناء) في علاج المرضى النفسيين أو
المصابين بخلل عقلى .
أحد علماء الحملة الفر نسية على مصر ، …. Gomara ومن هذا ما ذآره
فى وصف أماآن العلاج فيها : " أنشىء في القاهرة، منذ قرابة خمسة أو ستة
قرون ، عدة بمارستانات تضم المرضى والمجانين، ومنها مارستان قلاوون .
وقد آان في الأصل مخصصاً للمجانين، وصرف عليه سلاطين مصر مالاً
وافراً… حيث يقال إن آل مريض آان له شخصان يقومان بخدمته، وآان
المؤرقون من المرضى يعزلون في قاعة منفردة، يشنفون فيها آذانهم بسماع
ألحان الموسيقى الشجية أو يتسلون باستماع القصص يلقيها عليهم القصاص.
وآان المرضى الذين يستعيدون صحتهم يعزلون عن باقي المرضى، ويمتعون
بمشاهدة الرقص. وآانت تمثل أمامهم الروايات المضحكة .
آانت قاعات المرضى تدفأ Prisse d’avennes : " وأيضاً ذآر
بالبخور، وتبرد بالمراوح الكبيرة ، وآانت أرض القاعات تغطى بأغصان
شجر الحناء أو الرمان أو شجر المصطكي أو بعساليج الشجيرات العطرية…
وقد آان يصرف من الوقت على بعض أجواق تأتي آل يوم إلى المارستان
لتسلية المرضى بالغناء أو بالعزف على الآلات الموسيقية. وذلك آما جاء فى
وصف علماء الحملة الفرنسية الذين شاهدوا هذه العناية بأنفسهم . "
وآما يقول "إخوان الصفا) "منتصف القرن الرابع للهجرة/العاشر للميلاد)،
في إحدى رسائلهم: إن من الموسيقى" لحناً آانوا يستعملونه في المارستان
وقت الأسحار، يخفف ألم الأسقام والأمراض عن المريض، ويكسر سورتها،
ويشفي آثير من الأمراض والأعلال . ويبدو أن هذا النمط في المعالجة ظل
جزءاً من العلاج في البيمارستانات الإسلامية حتى العهود المتأخرة. قال محمد
آرد علي: حدثني الثقة أنه اطلع على صك وقف أحد المستشفيات في حلب جاء
فيه أن آل مجنون يخص بخادمين يخدمانه، فينزعان عنه ثيابه آل صباح،
ويحممانه بالماء البارد، ثم يلبسانه ثياباً نظيفة، ويحملانه على أداء الصلاة،
ويسمعانه قراءة القرآن، يقرأه قارىء حسن الصوت، ثم يفسحانه في الهواء
الطلق، ويسمع في الآخر الأصوات الجميلة والنغمات الموسيقية الطيبة . "
ويتكلم على بيمارستان آخر فيقول أنه" يروى أنه آانت توضع الرياحين ويؤتى
بآلات الطرب والمغنين لتكون هذه المشاهد والأنغام من تمام العناية
بالمداواة ".
ويقول الرازي ( ٣١٣ ه/ ٩٢٥ م) عن مريض مصاب بمرض عقلى عرف ب
"الماليخوليا" : "… ولاشيء أفضل له منه، ولا علاج أبلغ في رفع
"الماليخوليا" من الأشغال الاضطرارية التي فيها منافع أو مخافة عظيمة تملأ
النفس وتشغلها جداً، والأسفار، والنقلة .
فإني رأيت الفراغ أعظم شيء في توليده، والفكر فيما مضى آان ويكون.
وينبغي أن يعالج هذا الداء بالأشغال، فإن لم يتهيأ فبالصيد والشطرنج، وشرب
الشراب، والغناء، والمباراة فيه مما يجعل للنفس شغلاً عن الأفكار العميقة. لأن
النفس إذا تفرغت تفكرت في الأشياء العميقة البعيدة. وإذا فكرت فيها تقدر على
بلوغ عللها، حزنت واغتمت، واتهمت عقلها، فإن زاد وقوي هذا العرض آان
ماليخوليا. وقد برىء غير واحد منهم بهدم وقع، أو حرق، أو خوف من
سلطان .
ويتفق ابن سينا ( ٤٢٨ ه/ ١٠٣٧ م) الرازي بهذا الشأن: "ويجب أن يشغل
صاحب الماليخوليا بشيء آيف آان… ويشغل أيضاً بالسماع والمطربات،
الآخر من الفراغ والخلوة. وآثيراً ما يغتمون بعوارض تقع لهم أو يخافون أمراً
فيشتغلون به عن الفكرة ويعاقون، فإن نفس إعراضهم عن الفكرة علاج له
أصيل . "
وما يقول به العالمان من الانصراف عن أسباب ومسببات المرض يعد الآن
: “ Divisional أحد أشكال الطب الحديث والذى يعرف اليوم
أي الأخذ بكل ما من شأنه صرف المريض عن مرضه . ،therapy “
ومن الجدير بالذآر ، أن للرازي مصنفاً في الموسيقى ذآره ابن أبي أصيبعة :
وهو " آتاب في جمل الموسيقى". ولابن سينا أيضاً غير تأليف في
الموسيقى.وليس هذا بغريب إذ يرى أن في النبض طبيعة موسيقية، وأنه ذو
نسبة إيقاعية في السرعة والتواتر .
ويورد "فارمز" أن مما بلغ الحضارة الأوربية، ترجمة ، قدرة الموسيقى على
الشفاء وهو ما أتثبته ابن سينا بمقالته التي آادت تذهب مثلا في اللغة اللا