المهندس على شبانة واحد من الفنانين القلائل الذى ينحتون فى الصخر ليقدموا فنا يليق بمكانتهم. هو ابن عم الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، يرفض الفن الهابط، ويدفع الثمن غاليا، ولكنه يصر على الالتزام بفنه الراقى، حتى لو كان ذلك على حساب الشهرة. ديوان العرب التقت بالفنان علي شبانة وأجرى معه مراسلنا فى القاهرة أشرف شهاب الحوار التالي:
الفنان على شبانة ديوان العرب: أولا نرحب بك على صفحات مجلة ديوان العرب الإلكترونية ونحب أن تقدم تعريفا بنفسك للسادة القراء؟
علي شبانة: أولا أنا أرحب بمجلة ديوان العرب. وعلى فكرة اسمها جميل جدا وقد زرت موقع المجلة عندما اتصلتم بى لطلب الحوار ووجدت أنها تحوى كل ما هو جميل وجديد فى عالم الثقافة العربية المستنيرة، وتمنياتى لها بدوام النجاح والازدهار. اسمى على شبانة، من مواليد قرية الحلوات شرقية مسقط رأس العندليب الراحل الفنان عبد الحليم حافظ. ولدت فى أسرة متوسطة الحال لأب يعمل بالإصلاح الزراعى وأم سيدة منزل. ونظرا لأن عمل والدى غير مستقر فى بلد واحد فكنا دائمى التنقل معه فى بعض قرى محافظة الشرقية إلى أن استقر بنا المقام فى بلد بجوار قرية الحلوات، مركز أولاد صقر بمحافظة الشرقية - قرية زور أبو الليل - وفى ذلك الوقت قام الفنان عبد الحليم حافظ بشراء حوالى 30 فدان فى هذه القرية، واتفق والدى مع الأستاذ الفنان عبد الحليم على الإشراف على هذه الأرض حيث أنها فى نفس القرية. ووالد الأستاذ عبد الحليم هو ابن عم والدى، وبالتالى فهو يعتبر ابن عمى. وقد تخرجت من كلية الهندسة عام 1998 ودرست الموسيقى على يد الأستاذ إسماعيل شبانة الشقيق الأكبر للعندليب عبد الحليم حافظ وأكملت دراستى الموسيقية بمعهد إبراهيم شفيق بالقاهرة على يد الأستاذ محمد عابد.
ديوان العرب: تربطكم صلة قرابة بالعندليب الأسمر الفنان الراحل الفنان عبد الحليم حافظ.. فهل تسيرون على خطاه من الناحية الفنية أيضا؟؟ وكيف؟؟
علي شبانة: كما ذكرت لك فإن والد الفنان عبد الحليم حافظ رحمه الله عليه هو ابن عم والدى وبالتالى فهو ابن عمى، وقد أسمانى على اسم والده حيث أن اسمه الحقيقى عبد الحليم على إسماعيل شبانة. أما بالنسبة للسير على الدرب الفنى للفنان عبد الحليم حافظ فهذا طبعا شىء جميل ولكن كل زمن وله فنه وله موسيقاه. ومن الممكن أن أسير على نهجه فى اختيار كلمات أغنياتى وصياغتها موسيقيا بما يتناسب مع إيقاع العصر، لأن الأغلبية من السميعة حاليا هم من الشباب والسن المبكر لأن وضع الأغنية نفسه يتغير بتغير الحالة الفسيولوجية والمزاجية للجمهور.
ديوان العرب: ما هو رأيك فى الفن الذى نشاهده على الفضائيات هذه الأيام؟ وهل تعتبره فنا حقيقيا؟ أم أنها موجة سرعان ما تنتهى؟؟
علي شبانة: هناك أنواع من الفن الجيد، وأصوات جيدة وجميلة أشاهدها. وهناك فئة لا تنتمى إلى أى نوع من أنواع الغناء المحترم، ولا غير المحترم.. إنها تنتمى إلى أى حاجة تانية غير الفن عموما وأنا لا أجد لها مسمى فى خيالى غير أنها كباريهات يتفرج عليها الناس على الفضائيات. والمفروض من وجهة نظرى تشديد الرقابة على هذه الأغنيات قبل أن تدخل بيوتنا ويتفرج عليها أولادنا والنشء.
ديوان العرب: هل تعتقد أنه ما زال هناك جمهور من ما نسميهم السميعة؟؟ أو محبى الطرب الأصيل؟؟ أم أنك تفتقد لهذه النوعية من الجمهور؟
علي شبانة: الجمهور المصرى والعربى بخير، ولا زال هناك جمهور السميعه. ولكن المشكلة أن الناس أصبحت مش فاضية تسمع. وعندما أجد مثل هذا الجمهور فى أى حفلة أو أى مكان فإننى أكون سعيدا، والسلطنة تشتغل .
ديوان العرب: نريد أن نعرف رأيك فى سبب عدم انتشار الفن الذى تقدمه رغم أنه فن راق وجميل وينتمى لجيل الفنانين العمالقة؟؟ هل السبب هم المنتجون؟؟ أم أنك لا تسعى للانتشار الإعلامى؟؟
علي شبانة: عدم انتشارى يرجع إلى عدة أسباب هو أننى أقوم بتنفيذ مجمل أعمالى على نفقتى الخاصة فالموضوع بطئ إلى حد ما. لأن هذا المجال يتطلب تدعيم شركات الانتاج، وخصوصا للصوت الجديد لعمل الدعاية وتصوير الأغنيات وخلافة. ولكن يصعب وجود انتشار أعلامى بدون أغنية مصورة أو حفلة من حفلات التليفزيون. أو بدون حاجة ملموسة بالنسبة للناس، وفى هذه الحالة يكون الانتشار مضرا بالمطرب أو الصوت الجديد بمعنى أن الإنتشار عن طريق البرامج والكلام عمال على بطال ليس مطلوبا. المهم بالنسبة لى أن أعرف متى أتكلم ومع من حتى يكون لكلامى التأثير المطلوب.
ديوان العرب: هل تعتقد أن هناك أصوات جيدة ما زالت على الساحة؟؟ بغض النظر طبعا عن المطربين الكبار من أمثال هانى شاكر ومحمد ثروت وغيرهم؟؟
علي شبانة: يوجد أصوات جيدة ولكن للأسف لا يوجد المناخ الفنى المناسب لتقديم أعمالهم فى ظل الهوجة الكاسحة من الأغنيات إياها اللى ما تتسمى.
ديوان العرب: بمناسبة الحديث عن الفنان هانى شاكر.. فى اعتقادى أن هانى شاكر أيام عبد الحليم حافظ كان أقوى من هانى شاكر حاليا.. فلماذا اشتهر هانى شاكر وقت أن كانت هناك منافسة حامية وانطفأ بريقه الإعلامى بعد وفاة عبد الحليم حافظ؟؟ هل المنافسة كانت السبب فى ظهور فن قوى؟؟ وعندما انتهت المنافسة فقد هانى شاكر بريقه؟؟؟
علي شبانة: الأستاذ هانى شاكر واحد من الفنانين القلائل الذين يتميزون بالصوت العذب الجميل والإحساس المتدفق العالى. ولكننى أشفق علية لوجوده فى هذا المناخ الفنى السئ حيث يواجه ضغوطا من كل الاتجاهات لكى يواكب هذه الموجة الكاسحة. والرجل يقدم فنا يتناسب مع فكر واحساس الشباب السميعة، ولكن عن نوعية أغنياته أيام العندليب كان المناخ يساعد على المنافسة الشريفة وتقديم الفن الجيد .
ديوان العرب: ما هى الأسس التى تختار بناء عليها الكلمات والألحان التى تغنيها؟؟
علي شبانة: اختيار كلمات الأغنيات له معايير معينة. بمعنى ممكن تلاقى كلام جميل جدا لكن مستهلك، فأنا أحاول بقدر المستطاع اختيار الكلمة ذات اللفظ الجديد الذى يتناسب مع مفردات العصر. ويجب أن تكون الحروف مناسبة لطريقة أدائى لها، بمعنى أنك ستجد أن معظم مطربى زمان كان يحبون حروفا معينة فى أغانيهم، مثل المطرب الشعبى محمد رشدى كان يجيد حرف العين وكان يتقنه، حتى أنك تجد أن معظم أغنياته تبدأ بحرف العين كمثال عرباوى، ع الرملة. وأيضا المطرب الكبير عبد الحليم حافظ كان يتقن حروف التى تبدأ بحرف الحاء وحرف الميم ووفى نفس الوقت يجب أن يكون الكلام الذى أغنيه متناسبا مع شكلى ومظهرى.
ديوان العرب: هل يمكن أن نعرف كم شريطا أصدرت؟؟ وما هى أهم الأفكار التى تركز عليها فى الشريط القادم الذى تسجله حاليا؟؟ ومتى سيصدر هذا الشريط؟؟؟
علي شبانة: أقوم هذه الأيام بتسجيل ألبوم غنائى هو مزيج بين الموسيقى الحديثة والموسيقى الطربية. وهذا يعتبر أول ألبوم لى لأنى كما ذكرت أنتج على نفقتى الخاصة وبتمويل ذاتى، ولذها يستغرق الأمر بعض الوقت. وفى حالة رغبة أى من قراء مجلتكم فى معرفة المزيد عن أغنياتى وأسماء المؤلفين والملحنين لها فيمكنهم زيارة موقعى
ديوان العرب: إذا كانت القنوات الفضائية تجرى وراء الفنانين الشباب الجدد.. فأين أنت من التليفزيون المصرى؟ ولماذا لا نرى أعمالك على شاشات التليفزيون المصرى؟؟
علي شبانة: القنوات الفضائية لا تجرى وراء المطربين الشباب، ولكن تجرى وراء من يدفع ويصرف أكثر من غيره، وبالتالى لو كان الذى يدفع أو ينفق أمولا أكثر ميكانيكيا يريد الغناء ومعه فلوس فسوف تفتح له ذراعيها. هذه الفضائيات تجرى وراء تلك النوعية من الفنانين المدعومين بمنتج يستكيع الانفاق عليهم. أما بالنسبة للتلفزيون المصرى فأقول لك ربنا يسهل. لقد اتفقت مع بعض المخرجين على تصوير أغنية واذاعتها فى التليفزيون المصرى. وإن كنت فى النهاية أعترف لك بأننى كسول إلى حد ما فى هذا الموضوع.
شبانة مع العالم المصرى د. أحمد زويل ديوان العرب: هل توافق معى أم تختلف على أن التكنولوجيا الحديثة فى التسجيل قد ساهمت فى تقديم فنانين غير موهوبين؟؟ وإلى متى سنستمر فى سماع فنانين غير موهوبين بسبب أنهم مفروضين علينا؟؟
علي شبانة: أتفق معك فى أن التكنولوجيا الحديثة هى السبب الحقيقى فى طمس الهوية العربية للموسيقى، وغياب الأرتام (الإيقعات) الشرقية الأصيلة من الساحة الغنائية بمعنى أن هذه التكنولوجيا أساسها غربى ولا تتناسب مع ذوق المجتمع الشرقى ولا المقامات الشرقية. وعلى سبيل المثال كان زمان المطرب يغنى فى وجود الفرقة الموسيقية كاملة، ويرى فى وجوه العازفين إذا كان يؤدى جيد أم لا. واحساس العازف نفسه يختلف عند وجود الآلات الكهرباية والتراكات فى الأستوديو. وهذه التكنولوجيا ساهمت فى ظهور أنصاف المواهب بسبب برامج الصوت الحديثة التى تعمل بها هذه الأستوديوهات. وعندما يغنى هذا المطرب فى حفلة حية ومباشرة أمام الجمهور ينكشف لأنه لا يحمل أى موهبة. وأعتقد أن حل هذا الموضوع يرجع إلى نقابة المهن الموسيقية والرقابة على المصنفات الفنية لأنه من المفروض أن لا يغنى إلا الصوت الجيد والدارس للموسيقى فقط .
ديوان العرب: هل تعتقد أن مقولة الجمهور عايز كده صحيحة؟؟ وبالتالى فهذه المقولة هى السبب فى تردى الذوق الفنى الحالى؟؟
علي شبانة: لا.. لا أؤمن بهذه المقولة. مقولة إن الجمهور عايز كده خاطئة. فالجمهور العربى جمهور واع. بمعنى أنة يلفظ الفن الردئ. ولكن هذه أشياء مفروضة على كل بيت وعلى كل القنوات. وهناك أجهزة معينة تساهم بشكل كبير فى هدم الذوق العام المصرى والعربى، وتسحب البساط من تحت أقدام المطربين المصريين. ومع ذلك فأنا متفائل لأن مصر مليئة بالمواهب الحقيقية التى لا تجد الفرصة ولا الرعاية ولا الدعم من أى جهة لأن هناك مقولة سمعتها بأحدى القنوات التليفزيونية تقول (أبجنى تجدنى) يا أستاذ. يعنى معناها ادفع لى وستجدنى تحت أمرك.
ديوان العرب: نشرت العديد من الصحف المصرية عدة مقابلات لك وأخبار صحفية عنك.. فهل تعتقد أن ما تم نشره كان كافيا؟؟ أم أنك تشعر أنك مظلوم إعلاميا؟؟
علي شبانة: الصحافة معى قلبا وقالبا وهم جميعا يساعدوننى ويقفون بجوارى. ودائما أجد منهم الدعم والمساندة. وهم اللى باقيين لى. وأن أتعامل معهم عن قرب وهناك تقارب فكرى بينى وبين معظم الصحفيين لأنى قبل أن أكون فنانا فأنا مهندس. وأحب القراءة، وخصوصا القراءة لكبار الكتاب والأدباء والشعراء. وأحب الإطلاع على معظم النواحى الفنية وعلى أشكال الفن المختلفة. ولكننى والحمد لله طوال عمرى لم أشعر بالظلم من أحد لأنى مقتنع أن كل شئ نصيب وكل شىء له وقت وميعاد