ولد محمد القصبجي في القاهرة عام 1892 م و نشأ في عائلة موسيقية حيث كان والده عازفاً و مدرساً لآلة العود و ملحناً لعدة فنانين، نما لدى القصبجي حب للموسيقى منذ صغره و تعلق بها، و لكنه لم يحد عن طريق العلم فالتحق بالكتاب و حفظ القرآن الكريم وانتقل إلى الأزهر الشريف حيث درس اللغة العربية والمنطق والفقه والتوحيد، ثم التحق بعد ذلك بدار المعلمين التى تخرج منها معلماً.
كان على القصبجي أن يلتحق بالسلك التعليمي و والده أراد له احتراف العمل الديني ولكن هواه للموسيقى لم يبرد في صدره، اشتغل بعد تخرجه في مجال التعليم و لكنه لم ينقطع عن الموسيقى، تمكن القصبجى من إتقان أصول العزف والتلحين وساعدت ثقافته العامة في خوض غمار هذا المجال باقتدار وبدأ يعمل في مجال فن ، ثم ترك مهنة التدريس وتفرغ تماما للعمل الفني، وكانت أول أغنية له من نظمه وتلحينه ومطلعها "ما ليش مليك في القلب غيرك" و تم تسجيل هذه الأغنية بصوت المطرب زكي مراد والد الفنانة ليلى مراد ، وكان أحد مشاهير المطربين في ذلك الوقت، و هنا بدأت رحلة القصبجي الاحترافية في عالم الفن.
أول عمل تلحيني احترافي له هو دور (وطن جمالك فؤادي يهون عليك ينضام) من كلمات شاعر عصره الشيخ أحمد عاشور، ثم أنضم إلي تخت العقاد الكبير عازف القانون بعد أن أعجب به هو والمرحوم مصطفي بك رضا رئيس نادي الموسيقي الشرقية، في عام 1920 اتجه القصبجي اتجاها آخر في تلحين الطقاطيق ، والتي كتبها الشيخ يونس منها طقطوقة "بعد العشا" و طقطوقة "شال الحمام حط الحمام" وفي 1923 أستمع محمد القصبجي إلي السيدة أم كلثوم وكانت تنشد قصائد في مدح الرسول وأعجب بها وفي عام 1924 لحن أول أغنية لأم كلثوم وهي "آل إيه حلف مايكلمنيش" وظل من ذلك اليوم يعاونها لآخر يوم في حياته، كما ينسب إليه فضل التجديد في المونولوج الغنائي بداية من "إن كنت اسامح وأنسى الآسية" إلى "رق الحبيب" غناء كوكب الشرق أم كلثوم، و قد كان في كل هذه الألحان وغيرها, وباعتراف أبرز الموسيقيين والنقاد, زعيم التجديد في الموسيقى المصرية.
في عام 1927 كون القصبجى فرقته الموسيقية التى ضمت أبرع العازفين أمثال محمد العقاد للقانون و سامى الشوا الملقب بأمير الكمان وكان هو عازف العود في الفرقة ، و لم يتوقف عند الشكل التقليدى للفرقة الموسيقية العربية فأضاف إلى فرقته آلة التشيلو وآلة الكونترباص وهما آلتان غربيتان.
قدم القصبجي ألحاناً عديدةً للسينما وكان من أكثر الملحنين إنتاجا طوال 50 عاما وقدم للمسرح الغنائي الكثير، فقد قدم لمنيرة المهدية عدة مسرحيات هي:"المظلومة " و "كيد النسا" و "حياة النفوس" و "حرم المفتش" كما قدم لنجيب الريحاني ثلاثة ألحان في أوبريت "نجمة الصباح".
و قام القصبجي أيضاً بتلحين الفصل الأول من "أوبرا عايدة" الذي غنته أم كلثوم في فيلمها عايدة في أوائل الأربعينات و كان محمد القصبجي يتطور ولكن في إطار المحافظة علي النغمة الشرقية الأصيلة .
تتلمذ علي يديه في العزف علي العود كل من رياض السنباطي و محمد عبد الوهاب و فريد الأطرش.
توفي في 26 آذار 1966 عن عمر 74 عاماً قدم فيها للموسيقى العربية آثاراً و إثراءات ثمينة، وأضاف للموسيقى الشرقية ألواناً من الإيقاعات الجديدة والألحان السريعة والجمل اللحنية المنضبطة و البعيدة عن الارتجال، كما أضاف بعض الآلات الغربية إلى التخت الشرقى التقليدي،اعتبره كثيرون الموسيقي الأفضل متفوقاْ بذلك على أسماء أخرى كبيرة كسيد درويش و عبد الوهاب.