--------------------------------------------------------------------------------
علم الإبداع: علم القرن الحادي والعشرين
الدكتور سعادة خليل
علم الإبداع يضم عدة مواضيع تتعلق بالإبداع والتجديد والتغيير. وهو مصطلح جديد، لا أدّعي اختراعه واكتشافه وإنما تمت الإشارة إليه لأول مرة عام 1990. أطلق المجري استيفان ماغياري-بيك في مؤتمر أبحاث الإبداع الذي عقد برعاية مركز دراسات الإبداع في آب عام 1990 مصطلح Creatology. يضم هذا العلم كثيرا من المفاهيم المتعلقة بالتعلم والتعليم والتفكير التي تأسست بناء على أبحاث الدماغ. وهذا العلم يتضمن أساليب التعلم المستمر وأساليب التفكير النقدي والإبداعي. ومحور العلم هو كيف نفهم الدماغ وكيف ينقل إلى الطلاب مدارسهم. كيف نتعلم ضمن البيئة ذات الغنى والثراء المتنوع بالمعرفة وبالمعطيات التعليمية وبالحواس المتعددة غير المقتصرة على الحواس المعروفة لدى الأنسان والتجارب الإنسانية حولنا ونستغلها أفضل اسستغلال. وكيف يمكننا تحسين طاقات الدماغ خلال مسيرة حيواتنا بزيادة التشابك والتفاعل بين الخلايا العصبية من خلال ترابطها ومن خلال الحرص والحفاظ على التجربة والتعلم. علم الإبداع يتضمن التدريس المباشر لأساليب التعلم ووسائل التفكير وعمل الذاكرة وتخطيط الدماغ الوظيفي والإبداع بوسائل التعلم الكلي (الإجمالي) للدماغ أي باستخدام الدماغ بنصفيه الأيمن والأيسر.
لقد طرح هذا العلم بعدة مسميات لم تكن دقيقة في مجملها لأنها في نظري لا تدل على جميع المهمات والمواضيع التي تنضوي تحت لوائه. فمثلا أطلق عليه التعلم المتسارع والبرمجة اللغوية العصبية والتعلم الكمي والتخطيط العقلي وإلى آخر هذه السلسلة من المسميات. ولكنها في مجملها لم تكن دقيقة بحيث تكون شاملة جامعة لكل ما يعنيه هذا المصطلح. وهنا اقترح بأن يقرر تدريس هذا العلم بفروعه المختلفة ويصبح جزءا لا يتجزأ من مناهج التعليم وفي جميع مراحل التعليم مع ملاحظة تأهيل وتدريب المدرس ليكون قادرا على استخدام هذه المعرفة وهضمها ليتسنى له توصيلها إلى الطلاب. الهدف من ذلك كله هو تزويد الطلاب بالمعرفة عن أنفسهم كي يتحملوا مسؤوليتهم عن تعليم أنفسهم بمساعدة وإرشاد تربوي جيد.
ما يزيد عن 15 سنة وأنا أدرس وأقرأ الأبحاث والدراسات الخاصة بعمل وتركيب الدماغ ووظائفه التي حاولت الإجابة على أسئلة عديدة منها: كيف نتعلّم؟ وما هي أفضل طرق التعليم؟ كيف نغرس حب العلم والتعلم عند الأطفال؟
وخلال العقود الثلاثة الماضية صدر عدد هائل من الدراسات والأبحاث التي تم إنجازها في مجال التعلم والتعليم وخاصة فيما يتعلق بالدماغ. ولكن القليل من هذه المعرفة والمعلومات وصل إلى ذوي الشأن في التربية والتعليم الذين هم في أمسّ الحاجة لمثل هذه المعلومات.
وعند الشروع في تدريس مثل هذا العلم أي علم الإبداع، هناك بعض الأسئلة التي يجب الإجابة عليها عند تدريس مثل هذا المقرر:• ما هي المعلومات التي يجب أن يعرفها عن كيفية التعلّم؟
• ما هي طبيعة التفكير؟
• ما هي أفضل طرق الاستذكار والحفظ؟
• ما هي أفضل وسائل التفكير الإبداعي؟
• كيف نخطط ونتخذ قرارات ذات فاعلية وتطبيقية؟
• ما هي أفضل أساليب التفكير بصورة عامة؟
• كيف نقوم بحل المشاكل والمسائل بفاعلية أكبر؟
• كيف نفهم المدرسين والمدرسات؟ وكيف ندون الملاحظات والشروحات بطريقة أكثر فاعلية؟
• كيف نستطيع أن نستخدم الدماغ إلى أقصى درجة ممكنة؟
أما مجالات الدراسة التي يشتمل عليها هذا العلم فقد تكون كالآتي:
• الدماغ: تكونيه وتخطيطه ووظائفه
• أساليب التعلم لدى الدارسين سواء كانت معرفية أو بيئية أو اجتماعية
• التخطيط العقلي Mindmapping
• الموسيقي تذوقا وتعلما وعزفا
• التفكير النقدي critical thinking
• التفكير الإبداعي creative thinking
• الذاكرة ما لها وما عليها
.
الموسيقي: تكمن أهمية تعلم الموسيقى في تواصلها وترابطها الوثيقين مع الحالة العامة للفرد يحيث تؤثر على الحالة الفسيولوجية والنفسية للفرد. فأثناء العمل الفكري والعقلي يرتفع ضغط الدم أو تتسارع نبضات ودقات القلب وكذلك تتسارع موجات الدماغ وتشتد العضلات. أما عند الاسترخاء يتناقص الضغط وتهبط سرعة النبضات والموجات وتسترخي العضلات. إن أبحاث وأعمال دكتور توماتيس في فرنسا ودكتور جورجي لوزانوف في بلغاريا تزودنا بالمعرفة العملية أي الإحساس بالتعلم من خلال الموسيقى. لقد وجدا أن الاسترخاء الناجم عن موسيقى بعينها تجعل العقل نشيطا ومتيقظا وتجعله قادرا على التركيز بطريقة أفضل. وهذا ما علمته من مدرس الموسيقى في مدارس أرامكو السعودية الذي لاحظ بأن طلابه في الصفوف السادس والسابع والثامن والتاسع أن علاماتهم في الرياضيات ارتفعت بشكل ملفت عندما تعلموا العزف على الآلات الموسيقية المختلفة خلافا للطلاب الذي لم يختاروا تعلم عزف الموسيقى. ولقد وجد الباحثون أن أكثر أنواع الموسيقى تأثيرا هي الموسيقى الكلاسيكية مثل: موزارت وباخ وهاندل ونيفالدي وبتهوفن.
وثبت أيضا أن الموسيقى التي تعزف في خلفية المكان لعشرين دقيقة تولد حالة استرخائية وثبت أيضا أن الموسيقى التي تتكون من خلط أصوات مختلفة كأصوات العصافير والطبيعة مع صوت آلات النفخ الخشبية والبيانو والغيتار تساعد على التخيل والإبداع والنشاطات الهادئة.
ما الذي يجب تدريسه؟
• أهمية الموسيقى للتعلم وأنواعها التي تستخدم لأنواع مختلفة من التعلم.
• تعلم العزف على آلة موسيقية أو غناء أو استماع إلى أنواع موسيقى متعددة يجب أن يكون جزءا لا يتجزأ من التعلم اليومي حيث يساعد ذلك على تحسين القدرات الرياضية والهندسية والمكانية وخاصة إذا قام الطفل بتعلم العزف على آلة موسيقية قبل سن الثامنة.
• تشغيل الموسيقى في الصف الدراسي مع ملاحظة أثرها الإيجابي على الطلاب.