دور محمد عبد الوهاب فى تطور الفرق الموسيقية
** مع بدايات القرن العشرين ساد الوسط الفني عموما والموسيقى الغنائي خاصة اعتقاد ترسخ مع السنوات أن الموسيقى الشرقية قد استنفذت إغراضها وان منابعها التركية والفارسية قد جفت
ـ ومع عشرينات هذا القرن تعالت همسات التجديد ؛ وجرت محولات أصيلة من الشيخ سيد درويش في مجال البحث عن نغمات مصرية شعبية , كوسيلة لكسر الجمود الذي وصلت إليه الموسيقى , وقد حاول سيد درويش الاتصال بالموسيقى العالمية , إلا أن الإمكانيات والزمن لم يسعفه .
** ومع إلحاح هذه الرغبة في الخروج من حالة الاختناق الموسيقى نشأت مدرستين في اتجاه التطوير بالاتجاه نحو الموسيقى العالمية أو قل العلمية
ـ المدرسة الأولى رأت الانتقال المباشر للأشكال ( الفورم ) الغربي بوضع موسيقى في شكل السيمفونية و السوناتا ..... وتبنى هذه المدرسة فيما بعد الموسيقار حرانة و أبو بكر خيرت .
ـ المدرسة الثانية رأت المحافظة على جمهور المستمعين و الحرص على عدم نفورهم من التطوير دفعة واحدة , وتبنت فكرة التطوير بالتدريج و خطوة خطوة , وقاد قاطرة التطوير هذه الموسيقار محمد عبد الوهاب , الذي خدمته الأقدار عندما التقى أمير الشعراء " احمد شوقي " الذي نقله إلى حياة وأجواء رواد التنوير الفكري العربي أمثال طه حسين والمازني ثم العقاد وفتح له أبواب الثقافة والعصرية على مصراعيه.
هذا بالاضافه إلى تمكينه من الإطلاع على فنون الغرب المتقدمة بالأخص على فنون الموسيقى العالمية والأوبرا و ..... عندما اصطحب محمد عبد الوهاب في رحلاته إلى باريس عاصمة النور
وحدث لعبد الوهاب ما حدث لرفاعة الطهطاوي عندما كلف بمرافقة البعثات التعليمية المصرية المرسلة للدراسة بباريس .
فقد كان تأثير الرحلتين رائعا على كلا من الرائدين , وإذا كان الطهطاوي يعد من رواد الجيل الأول للتنويريين ( الذي ضم أيضا الشيخ محمد عبده و النديم و الافغانى ... ) , فان محمد عبد الوهاب يمكن الجزم بأنه احد أهم جيل التنور يين الثاني الذي يضم العقاد والمازني وطه حسين و توفيق الحكيم , بل إن دور محمد عبد الوهاب كان أكثر تأثيرا من هؤلاء لكونه تخصص في مجال أكثر تأثيرا في الذوق العام وهو مجال الموسيقى والغناء الأكثر شعبية من كل المجالات الأخرى .
** وفى النهاية بقى في الساحة الموسيقية الغنائية مدرستان الأولى – بزعامة عبد الوهاب – وتبنت التطوير للنهاية , والمدرسة التقليدية التي ادعت المحافظة على التراث ( وبعضها تقدم نحو التطوير ثم تراجع ) .
** سارت قاطرة عبد الوهاب الموسيقية نحو هدفها بسرعات مختلفة , وكلما دفع بجرعة جديدة أبطئ السير حتى يستوعب الذوق العام هذه الجرعة , ثم إما أن يعيد المحاولة لنفس الخطوة في عمل جديد لتأكيد الخطوة التقدمية , أو ينتقل مباشرة إلى الخطوة التالية .
ـ ويجب الاعتراف انه نجح في أن لا ينقطع جمهور المستمعين من خلفه عند انطلاقه بقاطرة التطور والرقى .
** رأى عبد الوهاب أن الموسيقى العلمية تقوم على أربعة قوائم ( الجملة – الإيقاع – الهارموني –