وتنم رقصة "العرضة" عن الشجاعة والشهامة وهي في الأساس رقصة حربية يتقابل فيها الخصمان ويرددان الابيات الشعرية بشكل جماعي وبايديهم السيوف التي باتت تستبدل اليوم بالبنادق كما يتم اداء الانشاد بالتداول ما بين الطرفين.
ويقف بين الصفين موسيقيون يعزفون مختلف آلات الايقاع في مقدمتها الطبل والطبلة والطاسات النحاسية الصغيرة والكبيرة التي توقع حركة الراقصين فيما يتداخل الاداء الجماعي للرجال مع الموسيقى ليخلق جوا حماسيا.
وكانت رقصة "العرضة" في قطر تؤدى في المناسبات الاجتماعية والاعياد الوطنية او الدينية بحضرة شاعر يجلس على اكتاف احد الراقصين بهدف ان يكون صوته أعلى وان يتمكن من التأثير أكثر في الخصم.
ولكن هذه الطريقة اختفت شيئا فشيئا لمصلحة حضور أكبر لآلات الايقاع التي يتسارع ايقاعها احيانا لتزيد الرقصة زخما.
وتتمتع هذه الرقصة بشعبية كبيرة لدى السكان المحليين. وقد أخذت نصوص اشعارها من الشعر الشعبي المحلي التقليدي الذي يجهل رواته في أغلب الحالات. ويرى المختصون قرابة بين هذا النوع من الرقص والغناء وبين رقصات "العيالة" المنتشرة في الإمارات العربية المتحدة غير ان الرقص هنا يعتبر اكثر حركية وديناميكية.
وتقدم امسية قطرية ثانية مساء السبت متضمنة قسمين: اصوات النساء والاغاني البحرية.
وتؤدي النساء مع فرقة الدوحة الشعبية اغاني "الدزة" التي ترتبط بمواسم الزواج او اغاني "دق الحب" وهي اغاني تراثية مرتبطة بحياة المرأة وعملها التقليدي. ورغم ان العمل في الحبوب اختفى من نظام حياة القطريين فان الاغاني التي ولدها لا زال انتشارها واسعا بين السكان.
كما ستؤدي الفرقة نوعا آخر خاص بالنساء وكثير الانشتار في قطر ويعرف ب "المرادة" وهو يقام بمناسبة الزواج او عودة غائب حيث ترتدي النساء افضل ما لديهن ويغنين فرحة اللقاء ويستخدن الاشعار الشعبية.
اما القسم الثاني من الأمسية فيكرس لاغاني البحارة وصيادي اللؤلؤ وهو فن شعبي واسع الانتشار في قطر وفي الخليج عموما رغم انقراض مهنة صيد اللؤلؤ الطبيعي منذ الثلاثينات وحتى قبل ثورة النفط بسبب ولادة اللؤلؤ الصناعي.
ورغم اختفاء هذا النوع من النشاط من حياة الجيل الجديد من الخليجيين بعد ان كانت حياة الآباء والاجداد قائمة على الصيد عموما وعلى صيد "عيون البحر" او اللؤلؤ الطبيعي فان هذا الجيل يقبل على تعلم هذا النوع من الغناء الذي بات يؤدى في الديوانيات.
وتتواصل فعاليات هذا الموسم الموسيقي الخليجي الاحد والاثنين حيث يتم تقديم غناء "الفجيري" مع فرقة محمد بن فارس القادمة من البحرين الأحد.
و"الفجيري" لون يتغنى بالبحر والبحارة ويتم اداؤه جماعيا ايضا واشعاره والحانه تعود لمجهولين هي الأخرى وهو بدوره يعم انحاء الخليج ويتم اداؤه اليوم في الدور او في الهواء الطلق وليس على متن السفن.
وينقسم هذا النوع الى خمسة اقسام يحددها الايقاع السريع او البطيء.
ويبدأ الفجيري بموال حزين يتالف من سبعة ابيات منشدة على مقام الحجاز عادة. وتقوم الفرقة بترديد البيت السابع والمشترك بين غناء الفجيري في مختلف بلدان الخليج مع عبارة "الحكم لله" التي تعتبر اللازمة العامة لهذا الغناء.
وتقدم الفرقة يوم الاثنين وتحت الادارة الفنية لعصام عيسى الجودر غناء "الصوت" الذي طوره في البحرين معلم النوع محمد بن فارس الذي تمكن بعد تأثره بانغام اليمن والحجاز من تسجيل موسيقاه في سوريا في الاربعينات حيث لاقت اسطواناته رواجا كبيرا.
وفي نهاية الاربعينات سجل اسطوانة في بغداد كرسته معلما للنوع بعد ان تتلمذ عدد من الكبار في البحرين على يديه قبل ان يتوفى عام 1974.
وكانت الايام الخليجية في المعهد استهلت بال"الصوت" من الكويت مع فرقة حمد بن حسين. ويتم اداء هذا الغناء الذي شاع منذ القرون الاولى للاسلام بصحبة العود والدفوف والطبل والطبلة وادخلت عليه حديثا آلات مثل القانون أو الكمان.
وقدمت مساء الخميس اغاني البحر في نسختها الكويتية التي تمتاز بالتصفيق الجماعي والغناء المصحوب بآلات الايقاع. وقد طور هذا النوع في الكويت حمد بن محمد بن الحسين بمساعدة اخوته وابنائه ما ساهم في حفظ النوع الشعبي غير المدون والذي ينقل شفاها. وتوفي بن الحسين عام 1993 لكن فرقته تواصل هذا التقليد .
ويساهم عدد من القنوات التلفزيونية الخليجية الخاصة بالموسيقى والغناء في حفظ بعض هذه الانواع من الانقراض عبر تسجيلها وتصويرها وحيث بات بمستطاع مشاهد الشاشة الصغيرة في مختلف البلدان ان يكتشف هذه الموسيقى.
وتستمر "الايام الموسيقية الخليجية" التي لاستهلت في 14 حزيران/يونيو حتى الاثنين في معهد العالم العربي.