في رحلة مع الغناء امتدت لأكثر من 60 عاما استطاع محمد عبد الوهاب أن يجرب معظم الأشكال الموسيقية في ألحان تلائم المساحات الصوتية لكثير من المطربين العرب سواء من خلال قصائد فصحى أو أزجال عامية إضافة إلى ما تغنى به هو نفسه.
ويسجل كتاب عن عبد الوهاب صدر بمصر ضمن "موسوعة أعلام الموسيقى العربية" أنه مجد كثيرا من الحكام العرب عبر قصائد لا تقل حرارة عن أغانيه الوطنية في نهاية الأربعينيات ومنها "فلسطين" التي كتبها الشاعر المصري علي محمود طه ويقول مطلعها "أخي جاوز الظالمون المدى، فحق الجهاد وحق الفدا".
وأدى عبد الوهاب الذي حمل لقب "مطرب الملوك والأمراء" أغنية "فلسطين" عام 1949 بعد عامين من أغنية كتبها الشاعر المصري صالح جودت ومدح فيها عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية وملك مصر السابق فاروق معا قائلا:
يا رفيع التاج من آل سعود يومنا أجمل أيام الوجود.
موكب الخير من البيت العتيد جاء يختال على النيل السعيد
أنتما عرشان في ظل الكتاب جمعت قلبيهما روح الإله
أنت والفاروق للشرق منى وعلى كفيكما أحلامنا
وكانت "يا رفيع التاج" أول أغنية تبثها الإذاعة السعودية بعد أن كانت برامجها تقتصر تقريبا على إذاعة سور قرآنية.
وصدر الكتاب في مجلدين يضمان 733 صفحة كبيرة القطع عن دار الشروق بالقاهرة ومركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع لمكتبة الإسكندرية ضمن "المشروع القومي للحفاظ على تراث الموسيقى العربية" الذي تديره ياسمين ماهر عبد النور.
والكتاب الذي أعدته إيزيس فتح الله حلقة في "موسوعة أعلام الموسيقى العربية" وصدر منها العام الماضي ثلاثة كتب عن أم كلثوم وسيد درويش وسلامة حجازي.
ويسجل الكتاب أن عبد الوهاب الذي اعتزل الغناء في الحفلات العامة تقريبا منذ العام 1933 ظل يغني لبعض الحكام العرب حيث لحن وغنى نشيد "عرش وشعب" تحية لملك المغرب الراحل الحسن الثاني.
كما لحن وغنى في السبعينيات أغنية "أجمل عروسين" التي كتبها شاعر العامية المصرية حسين السيد وسجلها عبد الوهاب "بأستوديو 46 بالإذاعة بمصاحبة الفرقة الماسية بمناسبة زفاف إحدى بنات الأمراء العرب.. خالد ولميا".
وتوفي عبد الوهاب عام 1991 عن أكثر من 90 عاما حيث لم يتثبت باحث من التاريخ الحقيقي لميلاده وإن رجح كثيرون أنه يدور حول عام 1900.