التوزيع ) في حين أن موسيقانا الشرقية تقوم على قائمين فقط ( الجملة – الإيقاع ) لذا قيل أن موسيقانا مسطحة و موسيقى الغرب ذات أعماق .
ـ فادخل الهارموني بصورة بسيطة حتى تستوعبه الأذن الشرقية ( أنا والعذاب وهواك - ثم أكده في أكثر من عمل ) وأضاف أيضا التوزيع لأعماله .
ـ ولما كان التخت الشرقي التقليدي لا يسعف عبد الوهاب في تحقيق طموحاته , فاخذ في تطويره بإدخال آلات غربية علية بصورة أصبح فيما بعد لا يمكن الاستغناء عنها .
ـ فكل آلة جديدة ينحت لها عبد الوهاب مكانا في الفرق الموسيقية العربية ـ بحيث يصعب انتزاعها من مكانها مرة أخرى , بل أن بعضها أصبح عضوا أساسيا في الفرقة ( على سبيل المثال لا الحصر الاوكورديون , الشلو , الكونترباس , الجيتار , ....... ) . ولقد جاء ذلك نتيجة حسن توظيف الآلة الموسيقية في مكانها اللائق تماما في لحن عبد الوهاب ( يمكن مراجعة لحن الصبا والجمال واستخدام البيانو , هل يمكن تخيل ألحن بدونه ؟ ) . وفى أنا والعذاب وهواك استخدم أكثر من 40 عازف وآلة و موسيقاها موزعة توزيعا علميا كاملا .
ـ ومع عبد الوهاب أمكن توسعة التخت الشرقي ليستوعب كل الآلات الغربية , ومع ارتفاع الذوق العام أمكن لعبد الوهاب استخدام الاوركسترا كاملا ( في أغنية عربية )
ـ ولنتأمل كيف بداء بإضافة آلة آلة حتى تمكن أن يقول : الآن يمكن استخدام الاوركسترا كاملا ( حوالي 100 عازف ) في تأدية الموسيقى الشرقية .
ـ قال الأستاذ عبد الوهاب للدكتور مصطفى ناجى عندما أعاد توزيع تشيد الجهاد اوركسترا ليا لتقديمه في افتتاح دار الأوبرا الجديدة " تصدق يا مصطفى أنا كان نفسي اعملها كده من أربعين سنه لكن الظروف ماسمحتش " .
** وما فعله عبد الوهاب مع الآلات قام بمثله في الإيقاعات و الجمل ’ولتأكيد تفوقه و ريادته ادخل أشكال الموسيقى ألبحته لتعزف منفردة دون كلمات بدا من فنتزى نهوند.
** ويمكن التأكيد على أن مدرسة محمد عبد الوهاب الموسيقية الغنائية أنجبت تلامذة نجباء تبنوا أسلوبه المتطور ولفظوا التقليدية الراكدة , يأتي على رأس هؤلاء الموحى والطويل , منير مراد , محمد فوزي , بليغ .......و كما استفادوا هم من الأستاذ , استفاد هو منهم حيث وجد فيهم سندا قويا في صراعه مع كهنة التقليدية .
** إلا أن أهم ما أضافه عبد الوهاب في مجال التلحين هو استيعاب ألكلمه , حيث استحدث قاعدة أن اللحن ليس مجرد جملة موسيقية جميلة , بل أن هذه الجملة يجب أن توافق وتعبر بوضوح عن معاني الكلمات , والجو النفسي العام للقصيدة أو الأغنية , و الانطلاق نحو استخدام أكثر من مقــــــام في العمل الواحد , والانتقال برشاقة وأناقة عبر كباري غاية في الروعة و التمكن , بالإضافة إلى كسـر جوامد المقامات , بمعنى عدم الالتزام بقواعد أن لكل مقام تعبير ( فالحماسة لها مقام , و الحزن له مقام , والشجن له مقام .... ) .
ـ فضلا عن دوره الغير منكر في تطوير تلحين القصيدة العربية , وهو الشكل الذي ترسخ بحيث أصبح هو المنهج والدستور الوحيد الذي يتبعه كل من أراد تلحين القصائد ممن أتوا بعده ( السنباطى و غيره )
** ولكي لا نطيل في موضوع يطول شرحه فإننا يمكن أن نجمل بعض خصائص موسيقى الأستاذ في الآتي
خصائص موسيقى عبد الوهاب
هناك بعض الخصائص نتعرف عليها في معظم أعمال عبد الوهاب
أولا التجديد في الموسيقى والألحان
ثانيــا المزج بين موسيقى الشرق والغرب
ثالثــا المزج بين المحافظة والتجديد
رابعـا استخدام المقدمات الموسيقية واللزم
خامسا الدقة الشديدة في العمل الفني
أولا التجديد في الموسيقى والألحان
مع كل لحن جديد يقدمه عبد الوهاب هناك جمل أو حركات أو إيقاعات جديدة ، وهذا ما ميز أعماله إذ أنه لم يكرر نفسه أبدا ، ولم يقتصر التجديد على ذلك بل تعداه إلى عناصر عديدة من عناصر البناء الفني منها
استخدام آلات جديدة
استخدام التوزيع الموسيقى
استخدام أشكال جديدة للغناء
ابتكار استخدامات جديدة للآلات التقليدية
ثانيا المزج بين موسيقى الشرق والغرب
رومبا ، سامبا ، تانجو ، هذه الإيقاعات الجديدة استوردها محمد عبد الوهاب خصيصا من أوربا ليفصل عليها ألحانا شرقية! وفى مرحلة مبكرة جدا نجده يصيغ لحنا كاملا لقصيدة عربية فصحى على إيقاع الرومبا الراقص وهى قصيدة جفنه علم الغزل لبشارة الخورى ، ثم نجده يؤلف مقطوعة موسيقية بعنوان إيقاعها فيسميها سامبا ، أما التانجو فقد ألف عليه العديد من الألحان منها إيه انكتب لي ، وقد لاقت تلك الألحان رواجا عظيما في ذلك الوقت خاصة أن الرومبا والسامبا كانت جديدة في أوربا نفسها في نفس الوقت وأن التانجو كان الرقصة الأوربية الأولى
هذا عن المشتق من الغرب الحديث أما قديمه فالموسيقى الكلاسيكية كانت النبع الزاخر ليس لعبد الوهاب وحده ، لكن عبد الوهاب كان ، كما فعل مع سيد درويش يرصع ولا يستوحي ، ولم يهمه كثيرا أن تظهر تلك الجمل كما هي ، وهو في أحب عيشة الحرية يستهل اللحن بالحركة المميزة في سيمفونية بيتهوفن الخامسة القــدر ، وفى أغنيته خى خى نسمع النغمة الأساسية لكونشرتو البيانو لرحماني نوف ، وفى آخر أغانيه من غير ليه تطل من المقدمة الموسيقية نغمات تشايكوفسكي في مقطوعته كابريشيو
وقد يكون من المناسب هنا ذكر أن محمد عبد الوهاب هو الآخر ظهرت موسيقاه في موسيقى الغرب الحديثة ، وقد وجد بعض فناني أوربا في ألحانه ما يمكن أن يكون أوربيا رغم شرقيته!
ثالثا المزج بين المحافظة والتجديد
كانت أذن عبد الوهاب التي تعشق الطرب هي واصلته المباشرة إلى عامة الجمهور ، وهى لم تخنه أبدا في استمالة الناس إلى ألحانه ، مهما جدد وطور تجده لا ينسى الطرب ولا يهمل القفلات المثيرة وكثيرا ما كان يضع في ألحانه مقاطع أشبه بالمواويل لكنها كانت في بعض الأحيان تبدو كجمل اعتراضية وسط بناء لحني