القانون إن الكلمة العربية ( قانون ) مأخوذة من الكلمة الإغريقية ( KANOON ) التي انتقلت إلى العرب بعد ترجمة المؤلفات الإغريقية إلى العربية في القرن العاشر الميلادي .إلا إن هناك فرق كبير في مدلول كلمة ( قانون ) عند الإغريق ولدى العرب . والواقع أن الآثار الإغريقية والرومانية لا ترينا استعمال لآلة القانون التي عرفها واستعملها العرب .
ولم يتعقب الباحث الألماني ( فارمر ) هذه الآلة في عصور ما قبل الإسلام ، ولم يعالج أصلها . أما الدكتور الحفني
فقد قارن آلة القانون بالآلات التالية : أ- الصنج المصري القديم الذي يعود تاريخه لأكثر من خمسين قرناً .
ب- ألآشور التي ظهرت بعد حوالي (1000) ألف عام
ت- آلة المونوكورد التي استعملها الإغريق في قياس أصوات السلم الموسيقي
واعتبر كل هذه الآلات أصلاً للآلة القانون . إلا إن ذلك لم يكن مقنعاً للكثير من الباحثين لاختلاف شكل
تلك الآلات عن آلة القانون . أما في الآثار الإسلامية ، فنجد للقانون رسوماً توضيحية في بعض المخطوطات مثل مخطوطة ( كنز التحف ) وهي باللغة الفارسية ويعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر الميلادي فيها رسم تخطيطي للقانون . وفي مخطوطة
( كشف الهموم ) التي تعود إلى القرن الرابع عشر أيضاً والمحفوظة في استنبول، فنجد صورة عازف على آلة وترية بشكل شبه منحرف هي آلة القانون . إن شكل استعمال القانون المبينة في المخطوطة يختلف عنه في المشاهد الأخرى ، إذ أن الأوتار في القانون المرسوم هي في وضع رأسي تنزل من أعلى إلى الأسفل . والقانون في هذه المخطوطة يحتوي على عشرة أوتار وعدة ملاوي ( مفاتيح ) في الجانب المنحرف والجانب المستقيم .
أما القانون في أوربا ، فقد انتقل إليها في العصور الوسطى عن طريق عرب الأندلس بصورة خاصة ، ونجده مرسوماً في آثار القرن 12-13-14-15-16 الميلادي إما بشكل مثلث أو شبه منحرف أو ما يقرب منه .
والقطع الفنية الأوربية التي ترينا آلة القانون هي : 1- مخطوطة مصورة كانت في مكتبة مدينة ( ستراسبورغ ) وهي تعود إلى النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي ، وفي هذه المخطوطة رسم توضيحي لعازف يعزف على قانون بشكل مثلث متساوي الساقين ، والملاوي موجودة في القاعدة .
2- صورة في كتاب إسباني يعود إلى النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي محفوظ في مكتبة الإسكوربال بالقرب من مدريد ، وفيها عازفان متقابلان يعزفان على قانون بشكل مثلث .
3- صورة في مخطوطة تعود إلى بداية القرن الرابع عشر الميلادي محفوظة في مكتبة ( هايدلبرغ ) فيها عازف لآلة القانون بشكل يشبه المثلث .
4- لوحة فنية إيطالية تعود إلى القرن الرابع عشر الميلادي موجودة في ( بيزا ) ، وفيها عازفة جالسة تعزف على القانون بأصابع يدها اليمنى المجردة .والقانون فيها بشكل شبه منحرف تقريباً .
السنطور السنطور كلمة فارسية معربة معناها النبر السريع . وهي آلة وترية بشكل شبه منحرف غير قائم الزاوية . يحتوي السنطور على 25 وتر معدني الشد فيها رباعياً ، أي أن لكل أربعة أسلاك درجة صوتية واحدة وبهذا يكون مجموع الأسلاك 100 مائة . وهي تمر فوق 25 مسنداً . يستعمل عازف السنطور مضربين من المضارب الرقيقة المصنوعة من خشب خاص وتثبت المفاتيح التي يبلغ عددها 100 على الجهة اليمنى من السنطور .
ينسب اختراع السنطور إلى المغني الفارسي ( الفلهيد ) ، وقد دخلت هذه الآلة بغداد أواخر عهد الدولة العباسية . رغم أن العازف والعالم الموسيقي المشهور ( صفي الدين الأرموي ) الذي عاش أواخر الدولة العباسية وشهد سقوط بغداد ومات سنة 1294 ميلادية ، لم يذكر في مؤلفاته شيئاً عن السنطور ولا عن المخترع . ويقول ( فارمر ) عن آلة السنطور بأنها كانت تسمى في مصر في القرن الخامس عشر ( القانون ) ، وكانت تسمى في سوريا ( السنطير ) ، إذ كان الاسمان يطلقان على آلة واحدة في القرن الخامس عشر ، ولكن ذكر الآلتين في مصر عام 1520 م يدل على انهما كانتا متنيزتين الواحدة عن الأخرى .
والسنطور أيضاً نجده في القطع الفنية الأوربية ، حيث نراه مستطيل الشكل ذا أربعة أوتار . وقد ذكر ( فارمر ) بأن الآلة الوترية الأوربية المعروفة باسم ( ECHIGUIER ) هي مشتقة من الكلمة العربية ( الشقرة ) أو (المشقر ) وهي آلة وترية ذكرها ( الشقندي ) المتوفى عام 1231 م من ضمن الآلات الموسيقية التي كانت معروفة في الأندلس . وسار على هذا الرأي الباحث الألماني المشهور ( زاكس ) حيث قال : ( من الثابت أن جميع آلاتنا الموسيقية مصدرها الشرق . وقد انتقلت إلى أوربا بأكثر من طريق . والآلة الوحيدة التي كانت تعتز أوربا بأنها من مبتكراتها هي آلة البيانو . ولكن ثبت أيضاً أن مصدرها عربي أندلسي . فإن أقدم لفظ أوربي أطلق على هذه الآلة في اللغات الفرنسية والإنكليزية والإسبانية هو ( ECHIGUIER ) وهو اللفظ العربي (الشقير ) . وكان يطلق على آلة صغيرة ذات مفاتيح سوداء وبيضاء على التوالي حتى القرن الرابع عشر .
وتعتبر هذه الآلة إحدى الحلقات الأولى التي تطورت منها البيانو .
الآلات الوترية ذات القوس . يعتبر استعمال القوس في العزف على الآلات الوترية بداية عصر جديد في تاريخ الموسيقى ، وتطوراً هاماً من الناحية الفنية الموسيقية . لأن الصوت بفضل استخدام القوس يأتي ممتداً ومتّصلاً .
إن أقدم إشارة تاريخية لاستعمال القوس تعود للفارابي ( منتصف القرن العاشر ) إذ يقول عند كلامه في ( الوجه في استخراج النغم من الآلات المشهورة ما يلي
ومنها ما يحدث النغم بأن يجر على أوتارها أوتار أخر أو نا يقوم مقام الأوتار ) . كما إن استعمال القوس في العزف على بعض الآلات الوترية قد ورد في مؤلفات علماء آخرين مثل ( ابن سينا ) و ( ابن زيلة ) في النصف الأول من القرن الحادي عشر ، وابن زيدون في القرن الخامس عشر الميلادي . وقد انتقل القوس والآلات التي تستخدمه إلى أوربا في بداية القرن الحادي عشر الميلادي .
واختلف الباحثون في تحديد الموطن الأصلي للقوس . وظهرت في ذلك عدة نظريات وآراء منذ القرن الماضي . فجعل الباحث ( FETIS ) من شمال أوربا موطناً للقوس ، وقال آخر إن الشرق هو موطن القوس . ثم غيّر ( FETIS ) رأيه معتبراً الآلة الهندية الوترية المعروفة باسم ( رافاناسترون RAVANASTRON ) الأم والأصل الذي تطورت منه الآلات الغربية ذات القوس ، وقال إن القوس قد انتقل من الهند عبر إيران والبلاد العربية إلى أوربا ، وقارن كذلك ( الرباب والكمنجة ) بالآلة الهندية المذكورة .
وسرعان ما انتشر هذا الرأي بين الباحثين الموسيقيين في أوربا وخارجها ، فنجد مثلاً في كتاب الدكتور (الحفني)حيث كتب من دون ذكر المصدر قائلاً :
( أقدم آلة وترية وقع عليها بالقوس في تاريخ العالم كله هو آلة هندية قديمة يرجع عهدها إلى أكثر من خمسة آلاف عام قبل الميلاد تسمى ( RAVANASTRON ) وكانت ذات وترين أو ثلاثة ) . وكذا أكّد غالبية الباحثين الأوربيين هذه النظرية .
الرباب والجوزة أطلق العرب لفظة ( رباب ) على عدة أنواع من الآلات الوترية ذات القوس ، شأنهم في ذلك شأن الفرس الذين أطلقوا لفظة ( كمنجة ) على آلاتهم الوترية ذوات الأقواس .
وفي المؤلفات العربية أشار ( الخليل بن أحمد الفراهيدي ) في القرن العاشر الميلادي إن العرب كانوا ينشدون أشعارهم على صوت الرباب . كذلك ذكر ( الجاحظ ) الباب في مصنفه ( مجموعة الرسائل ) ، وابن سينا وابن زيلة . أما الفارابي فقد عالج الرباب بصورة مفصلة .
ولقد تنوعت الرباب وعرفت بأسماء مختلفة حسب الأقطار . نعرف منها في مصر والشرق العربي ( رباب الشاعر ) وهي التي نسمّيها ( الربابة ) . وهي ذات صندوق صوتي مستطيل ذو جانبين مقوسين إلى الداخل ، وأحياناً يكون صندوقها الصوتي مربعاً .
وهناك ( الرباب المغربي ) المستعمل في المغرب والجزائر وتونس وليبيا . ثم ( الرباب التركي _الأرنبة ) التي تدخل في فصيلة الرباب ، والآلة التي تسمى ( كمنجة ) والمعروفة في العراق باسم ( الجوزة ) وفي مصر باسم (الرباب المصري ) .
إن رباب الشاعر ، أي رباب البدوي العربية محدودة الاستعمال ولم يرد لها مشاهد في الآثار الإسلامية ، لأنها لم تكن آلة البلاط والقصر بل آلة الكوخ والصحراء كما هي عليه الآن . والواقع أن شكلها المستطيل ذي الجانبين المقوسين يعود إلى عصور ما قبل الإسلام ، سوى أن العزف عليها لم يكن بواسطة القوس وإنما بواسطة المضرب الصغير أو بالأصابع . ويرى البعض أن رباب الشاعر هي الأصل الذي اشتقت منه آلة (الجوزة ) أي
( الكمنجة ) ، وهذا رأي غير صحيح تبطله الشواهد الأثرية التي أثبتت أن آلة الرباب ذات الصندوق المدور هي أقدم من الآلة ذات الصندوق المستطيل.