آلة العود تطرب وتثير الجدل

آلة العود تطرب وتثير الجدل في ثقافي دير الزور



سراج جراد
الاثنين 25-12-2006
العود تلك الالة الموسيقية التي ملأت الدنيا عزفاً وشغلت عقول الناس وقلوبهم منذ الاف السنين حتى وقتنا الحاضر وهي التي ابتكرت وعاشت ببلاد ما بين النهرين وكانت محط الانظار في قصور الخلفاء ومجالسهم واستمر وتطور عبر الزمن على ايدي صناع مهرة وعازفين ومبدعين حيث كان للمركز الثقافي العربي بدير الزور

محطة علمية فنية ثقافية مع هذه الالة حيث قدم الاستاذ الفنان والباحث سعيد حمزة محاضرة بعنوان تاريخ الة العود وطرق العزف القديمة حيث بدأ الجمهور يفد الى المسرح الكبير منذ الساعة السادسة مساء وبدأ محاضرته في السادسة والنصف استهلها بتعريف الة العود واسمائه القديمة باللغات القديمة ( الاكادية والسومرية والمسمارية ) واللغات العالمية وان اقرب لفظة للعربية هي ( alaud ) باللغة البرتغالية ثم بين ان علماء الموسيقا امثال الكندي وابن سينا والفارابي واخوان الصفا وصفي الدين الارموي البغدادي استخدموا العود لشرح نظريات الموسيقا ، وبقي العود باربعة أوتار حتى أضاف زرياب الوتر الخامس حيث يعتبر هو وابناء عصره من أهم وأشهر عازفي العود من أمثال اسحق الموصللي وإبراهيم الموصللي .‏

ودخل العود أوربا عن طريق الأندلس عندما دخلها العرب فاتحين ، وهناك من أضاف الوتر السادس والسابع ، والفارابي ترك مخطوطا للعود بثماني أوتار وقد حققه عازف العود العراقي نصير شمه والذي يعتبر من أمهر عازفي العود ومؤسس بيت العود العربي بمصر ، ولأوتار العود أسماء كثيرة ففي الفارسية ( كردان ، نوى ، دوكاه ، عشيران ، يكاه ) وعالميا ( دو ، صول ، ري ، لا ، صول قرار ) وتحدث عن الريشة التي كانت تصنع من الخشب وتسمى المضرب أو المضراب وبعدها صنعت من قوادم النسر ثم من البلاستيك وبين بعض الطرق التي استخدمت سابقاً حتى الآن ثم بدأ بتبيان أهمية ابتكار آلة العود الذي جاء بعد الكنارة السومرية (القيثارة) حيث أصبح الآلة الموسيقية الأكثر انتشاراً واستخداماً حيث كان في البداية صندوقه صغير وزنده طويل وأوتاره أربعة وله فتحتان تساعد على إخراج الصوت بوضوح ،والصندوق مرة مدور ومرة مستطيل الشكل زواياه مقوسة ولكن ابتكار العود لم يأت من فراغ أو مصادفة لأنه يحتاج الى بيئة مناسبة لابتكار مثل هذه الآلة الموسيقية مثل مراكز مدينة ذات معابد وقصور واهتمامات علمية وتجمعات فنية ووجود حضارة متقدمة من الناحية النظرية والعلمية وهذا كان متوفراً في العصر الأكدي في الألف الثالث قبل الميلاد حيث كان يسمى بالعصر الذهبي وهنا قل الاهتمام بالكنارة السومرية لأن العود تفوق عليها فهو رغم صغر حجمه وقلة أوتاره بالنسبة للكنارة بعدها عرض العصور التي مر بها العصر الأكدي والسومري الحديث والعصر البابلي القديم والعصر الكاشي والعصر الآشوري الحديث والبابلي الحديث والعصر الهلنستي ثم تطرق للعصور الاسلامية من خلال المخطوطات الذي تركها علماء الموسيقا مثل (الكندي) الذي ترك مخطوطاً يعتبر من أهم المخطوطات حيث يوجد فيها أقدم وثيقة موسيقية للحن مدون عند العرب بل في تاريخ العود وهو أول موسيقي عالج موضوع صناعة العود و(الفارابي) الذي ترك كتاب (الموسيقا الكبير ) ومخطوطاً للعود بثمان أوتار وابن سينا وابن زيلة وابن الطحان وأخوان الصفا وصفي الدين الآرموي وغيرهم وكلهم بحثوا في مسألة تطوير العود وصناعته والأصابع والدساتين والأوتار .‏

ثم عرض الباحث بعض الآثار العربية الإسلامية في قصر الحير الغربي العائد للعصر الأموي أما في العصر العباسي شكله أقرب الى شكاله الحالي بأربعة أوتار وفي متحف الفن الاسلامي في القاهرة وهناك آثار أخرى كثيرة لامجال لذكرها ثم نوه المحاضر الى أن هناك أراءاً كثيرة قيلت في العود من قبل عرب وأجانب بعضهم قالوا أن العود مصري يعود للألف الثاني قبل الميلاد وهناك رأي آخر أيضاً قالوا فيه أن العود من ابتكار اليهود ولكن عندما نقب في العراق تبين من خلال الرقم الطينية والنقوش تثبت أن العود ابتكر واستعمل في العصر الأكدي للألف الثالث قبل الميلاد أي للساميين الشرقيين في أنحاء العراق القديم أبطل بقية الآراء أما في العصر الحديث فقد تطور العود كثيراً بسبب توفر صناع مهرة وتوفر آلات صناعية متقدمة وصار هناك معاهد وكليات لدراسة العود وبعده جميل بشير ونصير شمة وعمر النقشبندي ومحمد قدري دلال والسنباطي ومارسيل خليفة وشربل روحانا وهناك عازفون مهرة كثيرون .‏

وقد عزف المحاضر خلال سير المحاضرة على آلة العود بين فيها بعض الطرق القديمة في العزف وبعد انتهاء المحاضرة فتح باب المناقشة وانقسم المداخلون أقساماً فمنه من أراد سماع بعض التقسيمات التي تطربه على العود ،وبعضهم أراد مزيداً من أشكال العزف القديمة ولم يكتف بما ذكره المحاضر والقسم الآخر أطرب واستمتع بما سمعه من معلومات وعزف من المحاضر .وقد طالب الجمهور وبتصفيق أكثر من مرة بالعزف المحاضر أن يعزف مقطوعات وقد لبى المحاضر رغبة الجمهور وعزف بعض الألحان التي أطربت الحاضرين كثيراً وللفائدة رأينا أن نأخذ بعض الآراء عن المحاضرة .‏

الأستاذ تحسين الحسين (رئيس مكتب نقابة الفنانين بدير الزور :‏

الأستاذ سعيد فنان له اسمه الفني في محافظة دير الزور .عمل طيلة حياته مطرباً وعازفاً ومن ثم انثبت بأنه باحث موسيقي جيد .والدليل على ذلك محاضرته القيمة التي يوجد بها جهد كبير من البحث وغنية بالمعلومات القيمة وكان الفنان سعيد قادراً أن يحرك الجمهور بأن يناقش ويحاور بشغف من أجل الفائدة والقيمة الفنية .وكان الجمهور رائعاً وهذا دليل بأن جمهور المثقفين والفنانين بحاجة للمحاضرات الفنية وأكبر دليل الوجود الكبير من نوعية خاصة فقط من الفنانين والمثقفين وأتمنى المزيد من الأخوة الفنانين الذين يملكون القدرة بأن يقدموا محاضرات بكل صدق وأمانة .‏

الأستاذ فاضل سفان (شاعر) :‏

العنوان كان يوهم السامع بأن المحاضر يزمع عرض إيقاعات تتلاءم مع التطور الزمني إذ أن لكل فترة زمنية ذوقاً عاماً يتناسب مع تلك المرحلة ،كانت أمنيتنا أن نسمع أنغاماً تتلاءم مع المراحل الزمنية التي مر بها العود منذ ماقبل الإسلام وحتى اللحظة المعاصرة فالذي يسمع /عبد الوهاب /السنباطي /،والموجي وأغاني / أم كلثوم وأضرابهم تختلف ذائقتهم عن أنغام الجيل المعاصر .‏

الأستاذ نبيل آغا (فنان) :‏

المحاضرة كانت غنية وقيمة وكانت لنا رغبة وشوق منذ زمن بعيد لمثل هذه المحاضرات والتعرف على الآلات الموسيقية وبتسلسل تطورها ودورها الفعال بالنسبة للمجتمع ولجميع الفنانين بشكل خاص للإطلاع وتعزيز معلوماتهم ونأمل أن تسمتر هذه المحاضرات التي تعتبر نوعية وذات فائدة كبيرة لما لها من أمية في حياتنا وحياة الفنانين .‏

الأستاذ محمود إسماعيل (فنان وملحن موسيقي):‏

كان تسلسل المحاضرة التاريخي رائعاً ،منهجياً وقد أغناها بالشواهد اللازمة وكان عزفه على العود مميزاً أظهر فيه براعة فنية عالية .وقد أغنى المحاضرة بردوده الغنية والجميلة .‏

طارق نوارة (فنان) :‏

الملفت للنظر في محاضرة الفنان سعيد حمزة هي الشفافية والتقديم الجميل وأجمل شيء في المحاضرة هو الجمهور الواعي فقد لاقت هذه المحاضرة حضوراً جميلاً بالنوع وليس بالكم فتطرق الأخ سعيد حمزة لأمور كنا نجهلها وواضح من خلال المحاضرة أنه بذل مجهوداً كبير وحبذا لو كان الراشق جاهزاً لنرى الصور وليرى الجمهور العادي الصور وكيف كان يعزف قديماً وحبذاً لويكون الطرح بالمناقشة بطريقة جميلة وبناءة وتكون أكثر شفافية .‏

أحمد العلي (مدير المركز الثقافي ) :‏

كان الحضور هو النجم الثاني والمميز في المحاضرة فهي من المرات المحدودة التي يحضر فيها هذا الكم والنوع من الجمهور الفني والثقافي وكانت المحاضرة بشكل عام جيدة ومميزة .‏